أرجو رحمتك مشرف
عدد المساهمات : 91 تاريخ التسجيل : 26/02/2010
| موضوع: أيها الرجال ..أين اللحى؟!!! السبت مارس 27, 2010 5:47 pm | |
| أيها الرجال .. أين اللحى ؟!!!
من أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد إلى أخيه ... ... ... ... ... ... ... ... ... ........... وفقه الله ونفع به .
سلام عليكم ،،، أما بعد ،،،
أقول أخي : في ظل هذه العودة المباركة التي نعايشها ، لا تزال الجماهير المسلمة في حاجة إلى النصح والتذكير بعد التذكير ، ومن المسائل المهمة التي يجب التنبيه عليها لخطورتها ، وعظيم حرمتها وشدة الوعيد على مخالفتها :
هي : اعتداء عصابات – جماعات – من المسلمين على لحاهم ، والتلذذ بوأدها في مهدها، باغتصابهم لها في خدرها، بمحوها بعد أن بلغت معهم السعي وبلغت الأشُد، وتارة أخرى بالبتر؟!!!
وما علموا أن الوعيد على ذلك شديد ، والنصوص جاءت في هذا الشأن بالتغليظ .
الأمر الذي دعاني إلى بذل الجهد , محاولاً تجلية الأمر على حقيقته ؛ ليقف المسلم على خطورته , فيفر إلى الله تعالى بالتوبة تلو الأوبة ، قبل الفوت بالموت . ولا تلتفت أخي إلى من أفل قلبه وانطمس نوره, وانتكست فيه أعلام الهدى , وراح يتخبط في ظلمات الاستحسان وغيابات الذوق وزبالات العقل، وقال بجواز الحلق .
هذا في مصادمة النص , فترتب على ذلك أن استحسن القبيح , وصار المعروف عنده منكراً والمنكر معروفا , فأنكر السنن , وأحيا الأهواء والبدع في نفسه وفي نفوس أناس – مُثلة- مثله، لم يقيموا للنصوص وزنا , ولا لأهلها قدرا 0
والغريب العجيب أن ترى أكبر فرقة – من فرق المسلمين الضالة الآن – تأمر أتباعها بإعدام لحاهم كلما بقلت وجوههم بها – أعني : الفرقة الاخوانية – هداهم الله تعالى .
لأجل ذلك، كانت الحاجة إلى التذكير , والدعوة للعودة إلى السنة وترك التنديد , وإعذارا لرب العالمين , وطاعة للنبي العظيم المبعوث رحمة للعالمين , وحرصاً على إخواننا المسلمين، أقول :
أعلم – أرشدك اله لطاعته – أن : اللحية من سنن المرسلين , نعم " إعفاء اللحية من سنن الأنبياء والمرسلين وهديهم , وقد قال الله تالي : " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتداه" سورة "الأنعام" الآية(90) والآمر في هذه الآية الكريمة عام لجميع الأمة ؛ لأنهم تبع لنبيهم محمد – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .
وقد ثبت عن النبي – صلي الله عليه وسلم – أنه قال : " أنا أشبه ولد إبراهيم به " "الفتح "(6/42 و"البياج على صحيح مسلم" كتاب الايمان " باب الاسراء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى السموات "
وفي رواية الإمام أحمد – رحمه الله تعالى : " نظرت إلى إبراهيم فلم أنظر إلى أرب (1) منه إلا نظرت إليه مني كأنه صاحبكم" "المسند" (3/182) برقم (3546) وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله تعالى : إسناده صحيح .
وهذا يدلّ على أن نبي الله إبراهيم - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام – كان ذا لحية عظيمة تشبه لحية رسول الله (2) – صلى الله تعالى عليه وآله وسلم – وقال تعالى : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصاحين" سورة "البقرة " الآية(130) وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن من رغب عن إعفاء اللحية، ففيه من سفه النفس بقدر ما رغب عنه من ملة إبراهيم – عليه السلام . __________ (1) الارب – بكسر الهمزة وسكون الراء : العضو , واحد الآراب وانظر حاشية " المسند" (3/181) وفي لسان العرب ((1/ 209) قال : الارب : العضو المقر الكامل الذي لم ينقص منه شئ ويقال لكل إرب ويقال : ق طعته اربا اربا : اى عضوا عضوا
(2) وسياتي معنا قريبا في صفة نبينا – صلي الله عليه وسلم – انه " كان كث اللحية " وفي رواية " ضخم اللحية" وفي أخري " عظيم اللحية " وفي بعضها " ان لحيته قد ملأت نحره وقد روى البيهقي في " دلائل النبوة" (1/385) عن هشام بن العاص الأموي قال : بعثت أن ورجل آخر إلي هرقل صاحب الروم ندعوه إلى الإسلام – فذكر القصة بطولها – وفيها: أن هرقل أراهم صور الأنبياء في خرق من حرير، فذكر:
في صفة نوح – عليه الصلاة والسلام - انه كان حسن اللحية .
وفي صفة إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – أنه كان أبيض اللحية .
وفي صفة إسحاق – عليه الصلاة والسلام – أنه كان خفيف العارضين .
وفي صفة يعقوب – عليه الصلاة والسلام – أنه كان يشبه أباه إسحاق .
وفي صفة عيسي – عليه الصلاة والسلام – أنه كان شديد سواد اللحية" قال الحافظ ابن كثير – رحمه اله تعالى : إسناده لا بأس به" انظر "تفسير القرآن العظيم " للحافظ ابن كثير (3/ 484) مكتبة ابن تيمية .
وأما موسى وهارون – عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام - قد أخبر الله - تعالى -عن هارون أنه قال لأخيه موسى - عليه السلام : " يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي أني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ..." سورة " طه" الآية(94) فدلّت الآية الكريمة على أنه كان ذا لحية طويلة يتمكن موسى – عليه الصلاة والسلام – من الأخذ بها . ثانيا : اللحية عند أهل الكتاب : وقد كان أهل الكتابين في زمن الجاهلية يعفون لحاهم؛ متابعة منهم لما كان عليه الأنبياء المتقدمين، و يمكن أن يستدل لهذا بما رواه ابن إسحاق في "السير والمغازي" (213 – 217) وسيرة ابن هشام في هجرة المسلمين الثانية إلى الحبشة، ومناظرة جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه بحضرة النجاشى وفيه : " فقرأ عليه صدراً من سورة ( كهيعص) فبكي والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أ خضلوا مصاحفهم " "سيرة ابن هشام"(1/ 289- 293) وقال الدكتور أكرم ضياء العمري في السيرة النبوية الصحيحة"(1/174) بعد ذكره: إسناده حسن. وكذا ذكره الحافظ شمس الدين الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(1/216) وقال محققه: رواه أبو نعيم في" الحلية"(1/ 115) وسنده صحيح. ويستدل له أيضاً بما ذكره الحافظ - رحمه الله – في الفتح " : " عن أنس – رضي الله تعالى عنه – كنا يوماً عند النبي – صلى الله عليه وسلم – فدخلت عليه اليهود , فرأهم بيض اللحى، فقال : " ما لكم لا تغيّرون ؟ فقيل : أنهم يكرهون . فقال – صلى الله عليه وسلم - ولكنكم غيّروا , وإياكم والسواد" قال الهيتمى: رواه الطبرانى في" الأوسط " وفيه ابن لهيعة , وبقية رجاله ثقات , وهو حديث حسن. قاله الحافظ في "الفتح"(6/499)
وكذلك كان العرب في زمن الجاهليّة , فإنهم كانوا يعفون لحاهم؛ وذلك مما تمسكوا به من ملة أبيه إبراهيم – عليه الصلاة و السلام – مع أشياء تمسكوا بها من أفعال الحج وغيره . ثالثا : اللحية عند الفرس والمجوس : جاء في "صحيح الإمام مسلم" عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي– صلى الله عليه وسلم– قال: " جزوا الشوارب, وارخوا اللحى, وخالفوا المجوس (1) "صحيح مسلم"(3/146) قال العلامة ابن القيم ـ رحمه الله تعالى : " وأما إعفاء اللحية : فهو إرسالها وتوفيره. كره لنا أن نقصها كفعل بعض الأعاجم, وكان من زي آل كسرى قص اللحى، وتوفير الشوارب، فندب ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أمته إلى مخالفتهم في الزي والهيئة " انظر "معالم السنن" وكذا رسالة" حكم إعفاء اللحية و خير الآحاد" للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ص(53) ولم يكن حلق اللحى معروفاً في زمن الجاهلية إلا عن المجوس، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته بمخالفتهم ونهاهم عن التشبه بهم والتزيي بزيهم " انظر رسالة "الرد على من أجاز تهذيب اللحية"ص(6)
قال أبو شامة ـ رحمه الله تعالى : " وقد حدث قوم يلحقون لحاهم، وهو أشد مما نقل عن المجوس، إنهم كانوا يقصونها" "فتح الباري" للحافظ بن حجر(10/351)
قلت: وفي زماننا تفشت هذه المخالفة وفحشت، حتى صارت المؤاخذة!!! على المطيع المتبع لذي الأمر النبوي بالإعفاء، بل وهانت عند بعض إخواننا فحلقوها؛ متذرعين بما ليس بصواب، فما أجدرنا إلى العودة الحميدة إلى ديننا جملة، وإلى تطبيق هذه السنة العظيمة؛ طلبا لرضى الشارع الحكيم. __________ (1) قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز – رفع الله درجاته في عليين : " وهذه العلة لا تنفك عن الأمر بل لا تزال معتبر إلي يوم القيامة ؛ لان الشارع عليه الصلاة والسلام قد أمر أمراً مطلقاً بمخالفة المشركين في زيهم وأخلاقهم وشعائر دينهم, ولم يحدد ذلك بزمن معلوم, ولم يجعل له نهاية معلومة, فوجب أن يكون ذلك أمرا مطلوباً من المسلمين إلي يوم القيامة" انظر رسالة " حكم إعفاء اللحية وخير ألاحاد" للعلامة أبن باز ص(40) رابعاً: اللحية عند العرب تقدم معنا القول بأن العرب في زمن الجاهلية كان يعفون لحاهم وذلك مما تمسكوا به من ملة أبيهم إبراهيم - عليه السلام - ويدل على ذلك ما رواه الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى : " أنه حين قتل أبنا عفراء أبا جهل، أخذ بن مسعود بشعر لحيه أبي جهل " انظر" الفتح " (7/342)
قال الشيخ محمد حبيب الله الشقيطي ـ رحمه الله تعالى : " العرب كانت لا تترك زينة اللحى، لا في الجاهلية، وفي الإسلام. وقد أقرّهم الإسلام عليها أيضاً ..." انظر" فتح المنعم" (3/363)
أدلة وجوب إعفاء اللحية من الكتاب والسنة وأقوال السلف
قال الله تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب" سورة "الحشر" الآية(7) وقال سبحانه "من يطع الرسول فقد أطاع الله" سورة "النساء" الآية(80) وقال تعالى " لقد كان في رسول الله أسوة حسنة " سورة "الأحزاب" الآية(21) ثم قال تعالى في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم - " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصبيهم عذاب أليم " سورة "النور" الآية(63) وفي قوله تعالى : " قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل" سورة "طه" (94)
قال العلامة الشنقيطي – رحمه الله تعالى : " هذه الآية الكريمة بضميمة آية الأنعام إليها ، تدل على لزوم إعفاء اللحية ، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية ، وعدم حلقها ، وآية الأنعام المذكورة هي قوله : ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وهارون وكذلك نجزي المحسنين " سورة "الأنعام " الآية (84) ثم أنه تعالى قال بعد أن عدد الأنبياء الكرام المذكورين" أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" سورة"الأنعام"(90) فدّل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم . وأمره - صلى الله عليه وسلم - بذلك أمر لنا ؛ لأنه أمر القدوة ، أمر لأتباعه ... فإذا علمت بذلك، أن هارون كان موفرا لحيته ، بدليل قوله لأخيه " يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي " لأنه لو كان حالقاً، لما أراد أخوه الأخذ بلحيته. تبين لك من ذلك بإيضاح: أن إعفاء اللحية سمت من السمت الذي أمرنا به القرآن العظيم ، وأنه كان سمت الرسل الكرام – صلوات الله وسلامه عليهم –.
والعجب من الذين مسخت ضمائرهم واضمحل ذوقهم حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية وشرف الرجولة إلى خنوثة الأنثى ، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم ، ويتشبهون بالنساء ، حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوراق الحسية بين الذكر والأنثى ، وهو اللحية.
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - كثّ اللحية: وهو أجمل الخلق، وأحسنهم صورة.
والرجال الذين اخذوا كنوز كسرى وقيصر ، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها ، ليس فيهم حالق " "أضواء البيان" للعلامة الشنقيطي(4/550)
وفي قوله تعالى " وَلَقَدْ كَرَّمْنًا بَنيِ آدَم" سورة "الإسراء" (70) وذكر أهل التفسير أشياء من وجوه هذا التكريم ، على سبيل المثال لا الحصر :
قال الإمام البغوي – رحمه لله تعالى : " الرجال باللحى، والنساء بالذوائب " انظر " معالم التتريل في التفسير والتأويل" (3/510)
وقال أبو حيان – رحمه الله تعالى – "... وقيل : باللحية للرجل ، والذوائب للمرأة " وقال القرطبي – رحمه الله تعالى – وقيل : إكرام الرجال باللحى ، والنساء بالذوائب " " الجامع لأحكام القرآن " لأبي عبد الله القرطبي (5/10/294) وبمثله نقل أهل التأويل : الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في "زاد المسير" (5/63) وعزاه إلى الثعلبي ، والعلامة الألوسي في "روح المعاني" (15/11 والعلامة الشوكاني فى "فتح القدير" (3/244) وكذا العلامة صديق حسن خان في "فتح البيان" (7/242) رحمهم الله جميعاً ، فهذه صبغة الله تعالى القائل " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة..." سورة "البقرة" الآية(13 والقائل جلا وعلا : "وصوركم فأحسن صوركم" سورة "التغابن" الآية (3) والقائل – تبارك اسمه وتعالى جده ولا إله غيره " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك " سورة "الانفطار" الآية(6 – صنع الله الذي أتقن كل شئ فتبارك الله أحسن الخالقين .
ولهذه الشعيرة أيضاً في سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - مكانة ، سواء سنته القولية منها أو الفعلية وهو - صلى الله عليه وسلم - القدرة المتبع، وبيان ذلك :
أولاً : اللحية في سنته - صلى الله عليه وسلم - القولية .
روى الإمامان الجليلان البخاري ومسلم، عن ابن عمر – رضي الله تعالى عنهما – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب " " اللؤلؤ والمرجان "(1/60)
ولهما– رحمهما الله تعالى– عنه -رضي الله عنه– قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انهكوا الشوارب واعفوا اللحى " " اللؤلؤ والمرجان" (1/60)
وفي "صحيح الإمام مسلم " (3/146) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس " وفي "صحيح الإمام مسلم " (3/147) أيضاً عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت : " عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ... " الحديث .
ثانياً : اللحية فى سنته - صلى الله عليه وسلم - الفعلية .
في " صحيح الإمام مسلم " برقم (2344) عن جابر أبي سمرة - رضي الله عنه - قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير شعر اللحية "
وفي المسند " عن على - رضي الله عنه - : "كث اللحية " انظر المسند برقم (796) وقال الشيخ أحمد شاكر إسناده صحيح
وعنه - رضي الله عنه - بإسناد جيد كما في" زوايد المسند" : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظيم اللحية"
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" برقم (944) وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح ، وانظر "صحيح الجامع" برقم (4696)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال في وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود اللحية " رواه البهيقي في " دلائل النبوة "
(1/217) وقال الحافظ بن كثير- رحمه الله - في "الشمائل" ص (26) إسناده حسن، وقال الحافظ -رحمه الله - كما في "الفتح" (6/65 اسناده: قوي .
و في حديث يزيد الفارسي في رؤيته المنامية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- والتي قصها على ابن عباس - رضي الله عنهما- وأقرّه عليها ، جاء في وصفه "...رأيت
رجلا حسن المضحك، جميل دوائر الوجه قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه، حتى كادت تملأ نحره... " رواه الإمام أحمد في" المسند" (1/163) وابن سعد في" الطبقات" (1/714)
وقال الحافظ في "الفتح" (6/856) :أخرجه أحمد وسنده حسن .
في بيان حرمة حلق اللحية ونقل الإجماع والفطرة على ذلك
اتفقت كلمة العلماء قديماً وحديثاً على حرمة حلق اللحية ووجوب إعفائها؛ لظاهر الأمر النبوي الوارد في ذلك، بل وتكراره، مع عدم وجود الصارف له . وعلى هذا جرى عمل الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - ومن تبعهم بإحسان، بل ونقل الإجماع على ذلك فقد قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : " يحرم حلق اللحية للأحاديث الصحيحة ، ولم يبحه أحد" انظر" أصول الأحكام" (1/36) وكذا في "الاختيارات العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية" ص(19) وانظره أيضاً في "كشاف القناع عن متن الاقناع" ص(57)
وقال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى : " لا يجوز حلقها ، ولا نتفها، ولا قص الكثير منها " انظر "المفهم" للقرطبي (1/512)
وفي "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير " قال : " يحرم على الرجل حلق لحيته" انظر" حاشية الدسوقي " لمحمد بن أحمد بن فرقة الدسوقي المالكي على " شرح الكبير " لشيخ أبي البركات أحمد بن محمد العدوي (1/150)
وحكى الإمام أبو محمد بن حزم - رحمه الله تعالى - الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بحديث ابن عمر- رضي الله عنهما : " خالفوا المشركين: احفوا الشوارب ،واعفوا اللحى"
وقال حافظ المغرب أبو عمر ابن عبد البر - رحمه الله تعالى- في "التمهيد:" ويحرم حلق اللحية، ولا يفعله الا المخنثون من الرجال" " تحريم حلق اللحية " للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي تعليق الشيخ اسماعيل الأنصاري ص (9) .
وقال العلامة أبو شامة - رحمه الله تعالى : " وقد حدث قوم يحلقون لحاهم، وهو أشدّ مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها " انظر "الفتح" للحافظ بن حجر (10/351) .
بيان موقف السادة الفقهاء من أئمة المذاهب في تحريم حلق اللحية
أولا ً: في المذهب الحنفي : جاء في حاشية ابن عابدين - رحمه الله- ( 3/397) : " يحرم على الرجل قطع لحيته " وقاله صاحب" البحر الرائق (3/12) وكذا في " الفتاوي الهندية" (5/35 وهو أيضاً في "كتاب الآثار" لأبي يوسف ص(234) ثانيا: في المذهب المالكي : قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر - رحمه الله تعالى- في "التمهيد" (24/145) : " يحرم حلق اللحية ، ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال "
وقال الدسوقي في " حاشية على شرح الخليل" (1/150) : " يحرم على الرجل حلق لحيته" بل قال : " ويؤدب الفاعل ذلك " وقال القرطبي في "المفهم" (1/512) : " لا يجوز حلق اللحية".
ثالثا: في المذهب الشافعي : قال الشيخ أحمد بن قاسم العبادي في "حاشيته على تحفة المحتاج بشرح المنهاج" للسادة الشافعية : قال ابن رفعه في "حاشية الكافية" : إن الشافعي قد نص في " الأم" على تحريم حلق اللحية " وكذلك نص الزركشي، والحليم في "شعب الإيمان" وأستاذه القفال الشاشي في " محاسن الشريعة" على تحريم حلق اللحية " انظر" الإبداع في مضار الإبتداع " لشيخ علي محفوظ ص (410)
رابعا: في مذهب الحنابلي: نص فقهاء المذهب الحنبلي على تحريم اللحية ، ومنهم من صرّح بأن المعتمد حرمة حلقها .
قال السفاريني - رحمه الله تعالى- في "غذاء الألباب" (1-376) : " المعتمد في المذهب حرمة حلق اللحية" ومنهم من صرح بالحرمة، ولم يحكي خلافا كصاحب الإنصاف " انظر "الإبداع" (410)
" وممن نص على حرمة حلقها أيضا : صاحب دليل الطالب ، وصاحب الروض مربع، وصاحب كشاف القناع " ص(57) وقاله العلامة ابن مفلح في "الفروع"(1/129)
بل وذكره شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى- وقال : " أنه لم يبح أحد" انظر"الإختيارات العلمية..." لشيخ الإسلام ابن تيمية ص(19)
وعليه فقد قال العلامة الألباني - حفظه الله تعالى : " ومما سبق من النصوص يمكن للمسلم الذي لم تفسد فطرته، أن يأخذ منها أدلة كثيرة قاطعة على وجوب إعفاء اللحية ، وحرمة حلقها ومن ذلك :
أولاً : أمر الشارع بإعفائها ، والأصل في الأمر الوجوب ، فثبت المدعى . ثانياً: حرمة تشبه الرجال بالنساء ، وحلق الرجل لحيته فيه تشبه بالنساء فيما هو من أظهر أنوثتهن ، فثبت حرمة حلقها، ولزم وجوب إعفائها .
ثالثاً: لعن النامصة- وهي التي تنتف شعر حاجبيها بقصد التجميل - وعلل ذلك تغير لخلق الله تعالى .
وثمة دليل رابع وهو : أنه -صلى الله عليه وسلم- جعل إعفاء اللحية من الفطرة . كما جعل منها قص الأظافر وحلق العانة وغير ذلك . مما رواه الإمام مسلم في "صحيحه " (1/491) وذلك لأن الفطرة من الأمور التي لا تقبل شرعاً التبدل مهما تبدلت الأعراف والعادات " فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون" سورة"الروم" الآية(30) والنقل من "تمام المنة في التعليق على فقه السنة" للعلامة الألباني ص (82) بتصرف
وبعد أخي: إنها دعوة محفوفة بباقة من النصح ، وهالة من الحرص ، دعوة لترسم خطى سلف الأمة الصالحين عموماً ، وفي إحياء هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الدين العظيم، وهذا المظهر الجميل من مظاهره الظاهرة الطاهرة، التي تتجلى فيه صورة من صور الاتباع والتعظيم.
إن اللحية أخي المفضال ليست هي تلكم الشعرات النيّرات المباركات التي تشعّ في الوجوه المتوضئة الطاهرة نوراً، فحسب .
وليست هي ميسم لطائفة اتخذت شرع ربها منهاجاً ونبراساً لها ، وترسمت خطى سلفها سمة وسمتا ، قلبا وقالبا - في الجملة - فحسب .
ولكن في إطلاق اللحية الدالة على تعظيم الأمر والنهي في قلب العبد .
وعليه فلا غرو أن نرى في زماننا من أصحابها تمسكاً بها ، وتحملاً لتبعاتها ، امتثالا لأمر الشارع، واستجابة لتكرار الأمر النبوي السامي ، وطلباً للزلفي من الباري سبحانه .
وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين . | |
|