معهد الفرقان الشرعي السلفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفضل بالدخول او التسجيل من هنا
معهد الفرقان الشرعي السلفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفضل بالدخول او التسجيل من هنا
معهد الفرقان الشرعي السلفي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

معهد الفرقان الشرعي السلفي

معهد الفرقان الشرعي السلفي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أرجو رحمتك
مشرف
مشرف
أرجو رحمتك


عدد المساهمات : 91
تاريخ التسجيل : 26/02/2010

صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم   صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالسبت مارس 27, 2010 6:22 pm



صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم



وعن حمران أن عثمان دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا متفق عليه. اللي بعده.

وعن علي -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ومسح برأسه واحدة أخرجه أبو داود، وأخرجه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح بل قال الترمذي: إنه أصح شيء في الباب. نعم اللي بعده.


وعن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنهما- في صفة الوضوء قال: ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه فأقبل بيديه وأدبر متفق عليه، وفي لفظ لهما بدء بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. نعم اللي بعده.


وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- في صفة الوضوء قال: ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السبابتين في أذنيه ومسح بإبهامه ظاهر أذنيه أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة. بإبهامه ولا بإبهاميه ؟

هذه الأحاديث كما سمعت فيها جمع صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- حديث عثمان -رضي الله عنه- الأول، وحديث علي الثاني في بيان كيف يمسح الرأس ثم في بيان عدد مسح الرأس، ثم حديث عبد الله بن زيد في كيف يمسح الرأس، وثم حديث عبد الله بن عمرو في صفة مسح الأذنين، هذه الأحاديث كما ترى في صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-.

والنبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ امتثالاً للآية، وبما أوحى الله -جل وعلا- إليه من صفة الوضوء، أما الآية فهي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فدلت الآية على إيجاب الوضوء عند إرادة الصلاة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ يعني إذا قمتم إلى الصلاة، يعني إذا أردتم الصلاة فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فأمَرَ بغسل الوجه.
قال: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ فأَمَرَ بغسل اليدين إلى المرفقين، ثم أمر بمسح الرأس فقال: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ثم أمر بغسل الرجلين فقال: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
وهذه الآية بينها النبي -عليه الصلاة والسلام- بفعله، يعني بيَّن دلالتها ومعنى وصفة الوضوء بفعله -عليه الصلاة والسلام-، فكل حديث فيه بيان صفة الوضوء، وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه ينظر فيه إلى الآية، كما سيأتي في الأحكام.
بهذا نقول: إن معنى هذه الأحاديث هو تفصيل وبيان لمعنى آية المائدة، فهي جميعا فيها دلالة على ما أُجْمِل، أو على ما دلت عليه آية المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الآية، فدلت الأحاديث، أو معنى الأحاديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ على النحو التالي:
كان أولاً يغسل كفيه ثلاث مرات، وهذا على الكمال وإلا فإنه توضأ مرتين مرتين، ومرة مرة كما جاء في البخاري، فيغسل يديه ثلاث مرات، ومعنى أنه يغسل يديه ثلاث مرات يعني أنه يدير الماء على اليدين ثلاث مرات، كل إسباغ للكفين يُعَدّ مرة.
وهذا القدر ما جاء في الآية، وسيأتي دلالة ذلك في الأحكام بأن الذي في الآية أنه بدأ بغسل الوجه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فهذا زيادة عما دلت عليه الآية، وسيأتي حكم ذلك في الأحكام -إن شاء الله-.
قال: ثم تمضمض واستنشق واستنثر تمضمض واستنشق واستنثر يعني: بغرفة واحدة كما سيأتي في حديث قادم، فإنه جعل ماء في كفه فمضمض منه، واستنشقه ثم استنثر، وهذا داخل في غسل الوجه الآتي.
قال: ثم غسل وجهه ثلاث مرات، يعني للكمال وإلا فإنه كما ذكرت لك صح عنه أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، ثم غسل... يعني: بعد تمام غسل الوجه غسل يده اليمنى، فبدأ بها إلى المرفق ثلاث مرات، ثم انتقل إلى اليسرى إلى المرفق ثلاث مرات، فأدخل المرفق في غسله ليده، ثم انتقل إلى مسح الرأس؛ امتثالاً لقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ فمسح برأسه مرة واحدة.
وصفة هذا المسح كما دل عليه حديث عبد الله بن زيد أنه أقبل بيديه وأدبر، أو أنه بدأ بمقدم رأسه حتى انتهى إلى آخره، ثم رجع إلى حيث بدأ، ومن مسح الرأس مسح الأذنين، فكان يُدخل -عليه الصلاة والسلام- الإبهام في الأذن، ويدير الماء يدخل السبابة في الأذن، ويدير الماء بالإبهام على ظاهر الأذنين، ثم ينتقل بعد ذلك والمسح للرأس مرة واحدة، والمسح للأذنين مرة واحدة، بماء واحد، ثم ينتقل بعد ذلك إلى غسل الرجلين، فيغسل الرجل إلى الكعب ثلاث مرات اليمنى ثم اليسرى كذلك.
لما أتم عثمان -رضى الله عنه- هذه الصفة قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ نحو وضوئي هذا هذا معنى هذه الأحاديث، وصلة هذا بالآية لغة، هذه الأحاديث فيها لغة يطول الكلام عليها؛ لأنها فيها مسائل كثيرة في الألفاظ، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، والوجه، واليد، وحد ذلك في اللغة والكعب، في تفاصيل يمكن أن ترجع فيها إلى الشرح بمعرفة الحدود اللغوية لهذه الألفاظ.
التخريج أو درجة الحديث:
الحديث الأول حديث عمران مولى عثمان عن عثمان هذا متفق على صحته، وحديث علي قال: مسح الرسول -صلى الله عليه وسلم- برأسه واحدة قال الحافظ: أخرجه أبو داود والنسائي والترمذى بإسناد صحيح، بل قال الترمذى: إنه أصح شيء في الباب.
هو كما قال الحافظ: إسناده صحيح، وصحَّحه جمع كثير من أهل العلم، ورجَّحوه على ما جاء في رواية من روايات صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عثمان أنه مسح برأسه ثلاثاً، وضعَّفوها بل جعلوها شاذة، وحكموا بأن الصحيح هو ما روي عن علي بهذه الرواية أنه مسح برأسه واحدة.
فهذه الرواية -كما قال الترمذى- أصح شيء في الباب، يعني في باب عدد مسح الرأس أنه ما مسح برأسه إلا واحدة، وأما ما جاء في حديث عثمان في بعض طرقه أنه مسح برأسه ثلاثا، فهذا غير محفوظ.
وبعض أهل العلم قال: إسناده لرجال ثقات، ويحمل على تعدد الجهات لا على تعدد المساحات، يعني مسح أجزاء رأسه ثلاث مرات، فقطعها فجعل الأعلى له مرة، والمؤخرة لها مرة، والجوانب لها مرة، فقال الراوي: ثلاث مرات، وهى في الحقيقة مسحة واحدة، جمعت الرأس في جميعه، وهذا توجيه الحافظ ابن حجر، ولكن فيه نوع تكلف؛ لأنه ما جاء في صفة مسح النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قطع مسح الرأس ثلاث مرات، فالصحيح هو ما قاله الترمذي: أن مسح الرأس واحدة كما جاء في حديث علي هو أصح شيء في الباب.
من أحكام هذه الأحاديث:



أولا: أن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ما هو واجب، يعني: ما فعله -عليه الصلاة والسلام- منها ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، أعنى الفعل، فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ووضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، يميز بين الواجب والمستحب بفعله -عليه الصلاة والسلام- في الوضوء أن الآية فيها الأمر بغسلٍ، ومسحٍ، لأعضاء مخصوصة.

فما كان في السنة من بيان لما جاء الأمر به في آية الوضوء فهو واجب؛ لأن المتقرر عند الأصوليين أن الأمر بالفعل في القرآن إذا امتثله النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً فإنه يكون امتثاله له، في منزلة الأمر، يعني يكون مأموراً به، فأمر بغسل الوجه، فصفة غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لوجهه تكون مأموراً بها؛ لأنها جاءت امتثالاً للفعل، امتثالاً للأمر، وامتثال الأمر بالفعل بمنزلته، يعني بمنزلة المأمور به.
وهذه القاعدة يستعملها العلماء في الاحتجاج على الحكم الواجب بهذه القاعدة في مواطن كثيرة، في الصلاة، وفى الوضوء، وفى الصلاة صلوا كما رأيتموني أصلي وفى الحج، وفى غير ذلك.


ثانياً: نأخذ كل مورد في الآية، وننظر إلى ما له به صلة مما جاء في هذه الأحاديث، قال -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فأمر -جل جلاله- بغسل الوجه في الوضوء، والوجه ما تحصل به المواجهة في اللغة، وما تحصل به المواجهة من الرأس هو من حد الشعر، شعر الرأس يعني للرجل المعتاد، الذي ليس بأصلع من حد بداية الرأس بمقدم الوجه، أو في أعلى الوجه إلى ما استرسل من اللحية طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً. فيدخل في الوجه في الطول من أعلى الجبهة إلى آخر اللحية، ويدخل في العرض، عرض الوجه من البياض الذي بعد شعر اللحية، يعني من بداية السمار إلى الآخر، هذا حد الوجه في اللغة، هل يدخل في حد الوجه في اللغة ما ظهر من الفم والأنف؟ الأنف والفم مما تحصل به المواجهة، وهو من الوجه فهل ما ظهر عند التكلم أو بوابة الأنف هذه التي تظهر هل هي داخلة في الوجه في اللغة؟ أم لا؟

اختلف العلماء في ذلك، والصحيح أنها داخلة في اسم الوجه؛ لأنها تحصل بها المواجهة، وكذلك مما يحصل به المواجهة باطن العينين البياض والسواد، وظاهر العينين وهما الجفنان، الله -جل وعلا- أمر بغسل الوجه، والوجه له هذه الدلالة في اللغة، فهنا للامتثال ينظر إلى سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- في الامتثال، كيف امتثل ذلك؟ فجاء في حديث عثمان -رضى الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا بوضوء يعني بالماء، فغسل كفيه ثلاث مرات، غسل الكفين لم يذكر في الآية؛ لهذا سيأتي بعد ذكر ما دلت عليه الآية الكلام على غسل الكفين، وأنه مستحب، قال في بيان الوجه ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات.
هنا هل المضمضة والاستنشاق لأجل دخول جزء من الفم في الوجه فيكون إذاً المضمضة والاستنشاق امتثالا للأمر في الآية فتكون واجبة أو هي خارجة عن الوجه، يعني ما ظهر من الفم والأنف، فيكون الوجه هو الواجب، وهذه تكون مستحبة في تفاصيل يأتي الكلام على ذلك. والذي دلت عليه الآية -كما ذكرت لك مع دلالة اللغة- أن الوجه يدخل فيه هذا كله يدخل فيه هذا كله، يعني يدخل فيه ما ظهر من الفم والأنف، ويدخل فيه ما ظهر من العينان، والوجه بأجمعه.

فإذاً الأحاديث دلت على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتثل بالمضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه فدل على أن امتثال الآية، امتثال الأمر دخل فيه المضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه على النحو الذي ذكر، فيكون هذا القدر واجباً، وفرضاً من فرائض الوضوء؛ لأنه امتثال للأمر في الآية.
وأما العينان في باطنهما فإنما دلت السنة على غسل ظاهرهما، والسنة تبعاً، فلهذا خرج باطن العينين من دخوله في مسمى الوجه الذي أمرنا بغسله، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بغسله بدلالة السنة، وإلا فالجميع يحصل به المواجهة، إذاً فقوله -جل وعلا-: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم هذا أمر بغسل الوجه على النحو الذي جاء في سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
فإذاً نفهم من امتثال الأمر أن غسل الوجه فرض، وأن غسل ما ظهر من الفم بالمضمضة التي تدير الماء في داخل الفم حتى يغسل ما يظهر منه، والاستنشاق الذي يدخل إلى ما بعد البوابة بوابة الأنف قليلاً، هذا يحصل به غسل ما ظهر من هذين العضوين، وغسل الوجه بعامه.
فإذاً نقول: حديث عثمان هذا دل على أن غسل الوجه على هذه الصفة مرة واحدة من فرائض الوضوء؛ لأنه امتثال للأمر في الآية.
قال -جل وعلا- بعد قوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ قال وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ فأمر بغسل اليدين إلى المرفقين، دلالة الآية على أن الواجب هو غسل اليدين إلى المرفقين، ولم يذكر هل تقدم اليمنى أو تقدم اليسرى؟ يعني في الآية لكن في الآية أنه قال: إلى المرفقين، فهل المرفقان يدخلان في اسم اليدين؟ أم لا ؟
اللغة تقتضي أن اليد اسم لهذا العضو المُكَوَّن من الكف والساعد والعَضُد، اليد ثلاثة أجزاء في اللغة: كف، وساعد، وعضُد فمن أطراف الأصابع إلى الكتف هذا يطلق عليه يد في اللغة، فجاء في هذه الآية قال: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ فالمرفق داخل في اسم اليد لغة.
والقاعدة اللغوية والأصولية أن الغاية إذا دخلت في المُغَيَّا فإنها تكون منه ، فلما أمر الله -جل وعلا- بأن نغسل إلى المرافق، وكان المرفق من اليد لغة دل على أن المرفق داخل في الوضوء.
ولهذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما امتثل ذلك غسل يديه، وأدخل المرفقين في الوضوء حتى شرع في العضد، وأما حديث وأدار الماء على مرفقيه فيأتي بيانه أنه لا يصح، إذاً قوله -جل وعلا-: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ امتثل النبي -عليه الصلاة والسلام- ننظر في حديث عمران هذا قال: ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك هنا تقديم اليمنى على اليسرى هل يفهم منه الوجوب لأنه امتثال للأمر ؟
قال في هذا جمع من أهل العلم بأنه هو الأصل أنه امتثل ذلك -عليه الصلاة والسلام- وقال آخرون: إن تقديم اليمنى... واستدل أولئك بأن اليمنى أيضاً واجبة بدلالة الامتثال، يعني تقديم اليمنى على اليسرى واجب بدلالة الامتثال، ولما سيأتي من حديث: ابدءوا بميامنكم وهذا يدل على الوجوب ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
وقال آخرون: إن الآية دلت على الجمع بين اليدين، والجمع بين اليدين واضح في أنه لا يحد منه بداية باليمنى ولا اليسرى؛ ولذلك قالوا باستحباب البداءة باليمنى، لا بإيجابها؛ لأن هذا لا يدخل في المجمل الذي يحتاج إلى بيان، بل قال: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ والأمر بغسل اليدين يحصل الامتثال به بغسل اليدين، سواء قدمت اليمنى على اليسرى، أو اليسرى على اليمنى.
والصواب من ذلك، أو الأظهر من ذلك: أن تقديم اليمنى على اليسرى واجب؛ لأن هذا داخل في القاعدة بأنه امتثال بالأمر، ولما سيأتي من حديث: ابدءوا بميامنكم ولما جاء في حديث أم عطية في غُسل الميت أنه قال: ابدأن بميامنها، وبمواضع الوضوء منها .
غَسْل اليد الواجب كما ذكرت لك يبدأ من أطراف الأصابع إلى آخر المرفقين يعني: أن المرفقين داخلة، أما غسل الكف الأول الذي هو قبل غسل الوجه فهذا ليس في الآية، ولهذا قال العلماء: لما خرج عن الآية فإنه مستحب، يعني لو بدأ الإنسان بغسل وجهه ولم يغسل كفيه قبل الوضوء، فلا شيء عليه، وهذا يدل على ما ينبغي التنبيه عليه من أن كثيرين يكتفون بغسل الكفين يعني في الأول قبل الوجه عن غسل الكفين الواجب بعد الوجه، يأتي ويبدأ وضع الماء في كفه، ثم يفيض على ساعده، ويترك ظهر الكف، وهذا لا يجزم معه الوضوء فوضوئه لا يصح، وغسل الكفين الأول مستحب، والثاني واجب، إذاً فينتبه أن الواجب في الوضوء وفرض الوضوء أن تغسل اليد كاملة من أطراف الأصابع إلى المرفقين بعد الوجه، أما ما قبل فهذا مستحب.
قال -جل وعلا-: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ قوله وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ أمر بالمسح، والمسح خلاف الغسل حقيقة المسح أن تمر اليد على الموضع، مسح رأسه، مسح بدنه، يعني أَمَرَّ اليدَ عليه، هنا -جل وعلا- ما قال: امسحوا رءوسكم، وإنما قال: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ دلالة الباء اقتضت أن يكون مسح الرأس ليس باليد، وإنما بالماء الذي علق في اليد؛ لأن الباء دلت على ذلك، ولهذا الآية أمرتْ بالمسح وأن يكون المسح بالرأس بواسطة الماء.
بهذا جاء امتثال ذلك في السنة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح برأسه واحدة، ما مسح رأسه، مسح برأسه يعني أخذ ماءا فمسح برأسه، هنا الآية دلت على وجوب المسح. هل المسح لجميع الرأس؟ أم لبعضه؟ الأحاديث التي فيها مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- برأسه فيها أنه مسح رأسه بمجموعه، مجموع الرأس، وفى بعضها أنه مسح أول الرأس يعني الناصية ثم أكمل المسح على العمامة.
الآية في دلالتها أن الواجب مسح جميع الرأس أو مجموع الرأس، وهذا هو الواجب، فإذاً أوجبت الماء الآية المسح بالرأس وهذا يعم الرأس، والمراد بالرأس: الشعر الذي على الرأس إن كان.
نظر العلماء هنا في المسح بالرأس هل يكفى بعض المسح؟ أم لا؟ والصواب أنه لا يكفى، أو الأظهر أنه لا يكفى بل لا بد من مسح المجموع، يعني لا كل شعرة بنفسها، وإنما مجموع الرأس يعني يمر يده التي فيها الماء على الرأس إقبالاً وإدباراً، ولا يشترط أن يتيقن أو يغلب على ظنه أن كل شعرة جاءها ماء؛ لأن دلالة السنة دلت على ذلك، فإذاً دلت السنة على أن مسح الرأس واحدة ودلت الآية على وجوب مسح الرأس واحدة.
وهذا ما دل عليه حديث علي قال: ومسح برأسه واحدة وهو فعل، ولكنه امتثال للآية فدل على الوجوب، قال: ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، وثم اليسرى مثل ذلك؛ الكعب: هو العظم الناتئ في جانب الرجل، وثَمَّ اختلافٌ كبير بين العلماء في مكان الكعب إلى آخره لكن المقصود الراجح من ذلك أنه العظم الناتئ، فيدخل الكعب في الغسل.
والدليل على إدخاله هو ما ذكرنا من إدخال المرفق في اليد، إذاً دلالة الآية على فرائض الوضوء دلت عليها السنة، وكما شرحت لك في هذا ظهور، ما زاد عن ذلك ما زاد عن دلالة الآية، فهو مستحبٌ ولا يجب، فغسل الكفين مستحب التكرار مستحب الزيادة على المرفقين مستحب الزيادة على الكعبين يعني الزيادة على المرفقين قليلاً مستحب ليتقن دخول المرفقين، والزيادة على الكعبين قليلاً مستحب.
أما مسح الرأس فلا يشرع أن يكون أكثر من واحد، مسح الرأس فيه الأذنان، والأذنان هل هي من الوجه أو من الرأس؟ الذي عليه جمهور أهل العلم أن الأذنين من الرأس، وقد جاء في حديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: الأذنان من الرأس وهو حسن إن شاء الله تعالى، قد ضعفه كثير من أهل العلم، وصححه آخرون لأجل كثرة طرقه، وهو حسن بمجموع طرق.
فدل على أن الأذنين من الرأس، يعني أنهما يمسحان، وهذا يدل على أن مسح الأذنين يكون كمسح الرأس، وجاء في السنة بيانه كما في حديث عبد الله بن عمرو قال: وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه يعني الإصبع السباحة الذي شار بها أدخلها في الداخل ثم الإبهام من الخارج ومسح به، وهذا القدر مستحب، وكيفما مسحت الأذن أجزأ، ومسح الأذن واجب لأنها من الرأس، فإذاً الواجب مسح الأذن على أي صفة كان، والمستحب أن تكون على هذه الصفة.
حديث عبد الله بن عمرو هذا ما ذكرت لكم درجة الحديث في البحث قال: أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة، الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذه الرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لما اختلف فيها العلماء من القديم منهم مَن ضعَّفها للانقطاع، ومنهم من صحَّحها؛ لأنه كتاب ووجادة، ومنهم من قال: هي حسنة؛ لأن عمرو بن شعيب نفسه صدوق.
وهذا القول الثالث هو الأقرب، ولهذا قال العلماء: من صحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حكم على هذا الحديث بالصحة، وكل النسخة بالصحة وهى نسخة مكتوبة، وهى من أهم النسخ يعني التي كتبها العلماء، كتبها الرواة في ذلك الزمان، الزمان الأول لما اشتملت عليه من أحاديث كثيرة مهمة في الأحكام فهي نسخة حسنة، وإسنادها حسن، وبإسناد إلى عمرو بن شعيب صحيح؛ فيكون هذا الحديث حسن أو صحيح عند من يصحح رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
قوله: في حديث عبد الله بن زيد قال: ومسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأسه فأقبل بيديه وأدبر وفى اللفظ الآخر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه وهاتان الروايتان متعارضتان ظاهراً؛ لأن:


الأولى: أنه أقبل أولاً ثم أدبر ثانياً، يعني من المنتصف أقبل بهما ثم أدبر.


والثانية: أنه بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بها إلى قفاه ثم رجع، يعني بكلتا يديه، ثم رجع، فمن العلماء من قال: هذه سنة وهذه سنة، يعني لك أن تبدأ من المنتصف إلى أن تأتى إلى الناصية ثم ترجع، تكمل، ومنهم من قال: لا، الجميع واحد، سنة واحدة، وأنه يبدأ بالناصية إلى الأخير. وإنما جاء في حديث عبد الله بن زيد قال: فأقبل بيديه وأدبر تفاؤلاً بالإقبال حتى لا يبدأ بالإدبار، فيقول: أدبر بيديه وأقبل، والعرب من لغتها أنه تقدم ما فيه التفاؤل، وإن لم يكن مقدما فعلاً فيما فيه العطف بالواو.
من شرح الشيخ صالح آل الشيخ على كتاب بلوغ المرام
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - لـــ ( النساء ) !
» هكذا كانت حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
» أخلاقه صلى الله عليه وسلم
» الرسول صلى الله عليه وسلم يتحدث
» محمد صلى الله عليه وسلم مذنب كما فى القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
معهد الفرقان الشرعي السلفي :: مواد المعهد :: الفقه-
انتقل الى: