da3wa salafia مشرف
عدد المساهمات : 96 تاريخ التسجيل : 26/02/2010
| موضوع: أخلاقه صلى الله عليه وسلم الجمعة أبريل 02, 2010 8:20 am | |
| أخلاقه صلى الله عليه وسلم كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم على خلقٍ عظيم، كما وصفه ربه تعالى. وكان صلوات الله عليه وسلامه أحلم الناس، وأشجع الناس، وأعدل الناس، وأعف الناس، لم تمس قط يده امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرمٍ منه. وكان عليه الصلاة والسلام أسخى الناس، لا يثبت عنده دينار ولا درهم، فإن فضل، ولم يجد من يعطيه ويجنه الليل، لم يأو منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ مما آتاه الله تعالى إلا قوت عامه فقط، من أيسر ما يجد من الشعير والتمر، ويضع سائر ذلك في سبيل الله تعالى. لا يسأل لله شيئاً إلا أعطاه، ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه حتى يحتاج قبل انقضاء العام. يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن. أشد الناس حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد. يجيب دعوة العبد والحر. ويقبل الهدايا ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب، ويكافئ عليها ويأكلها. ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها. تستعتبه الأمة والمسكين، فيتبعها حيث دعواه. ولا يغضب لنفسه، ويغضب لربه، وينفذ الحق وإن عاد ذلك بالضرر عليه وعلى أصحابه. عرض عليه الانتصار بالمشركين، وهو في قلة وحاجة إلى إنسان واحد يزيده في عدد من معه، فأبى وقال: إنا لا نستنصر بمشرك. ووجد أصحابه قتيلاً من خيارهم وفضلاء أصحابه، يهد البلاد العظيمة والعساكر الكثيرة فقد مثله منهم، فلم يحف لهم من أجله على أعدائه من اليهود الذين وجده مقتولاً بينهم، بل وداه مائة ناقة من صدقات المسلمين، وإن بأصحابه لحاجة إلى بعير واحد يتقوون به.
وودى بني جذيمة، وهم غير موثوق بإيمانهم، إذ وجب بأمر الله تعالى ذلك. يعصب الحجر على بطنه من الجوع، ومرة يأكل ما وجد، لا يرد ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضر، ولا يتورع عن مطعم حلال، إن وجد تمراً دون خبز أكله، وإن وجد شواء أكله، وإن وجد خبز بر أكله، وإن وجد حلواء أو عسلاً أكله، وإن وجد لبناً دون خبز اكتفى به، وإن وجد بطيخاً أو رطباً أكله. لا يأكل متئكاً ولا على خوان، منديله باطن قدميه. لم يشبع من خبز بر ثلاثاً تباعاً حتى لقي الله تعالى، إيثاراً على نفسه، لا فقراً، ولا بخلاً. يجيب الوليمة، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز. يمشي وحده بين يدي أعدائه بلا حارس. أشد الناس تواضعاً، وأشكتهم في غير كبر، وأبلغهم في غير تطويل، وأحسنهم بشراً. لا يهوله شيء من أمور الدنيا. ويلبس ما وجد، فمرة شملة، ومرة برد حبرة يمانياً، ومرة جبة صوف، ما وجد من المباح، لبس خاتم فضة، فصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن، وربما في الأيسر. يردف خلفه عبده أو غيره. يركب ما أمكنه، مرة فرساً، ومرة بعيراً، ومرة حماراً، ومرة بغلة شهباء، ومرة راجلاً حافياً بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة.
يعود كذلك المرضى في أقصى المدينة. يحب الطيب، ويكره الريح الردية. يجالس الفقراء، ويواكل المساكين، ويلزم أهل في أخلاقهم، ويستألف أهل الشرف بالبر لهم. يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم، لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر. يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك في غير قهقة، ويرى اللعب المباح فلا ينكره. ويسابق أهله على الأقدام، ويرفع الأصوات عليه فيصبر. له لقاح وغنم، يتقوت هو أهله من ألبانها. وله عبيد وإماء، لا يتفضل عليهم في مأكل ولا ملبس. ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لابد له من صلاح نفسه. يخرج إلى بساتين أصحابه، ويقبل البر اليسير، ويشرب النبيذ الحلو. ولا يحقر مسكيناً لفقره وزمانته، ولا يهاب ملكاً لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله تعالى مستوياً. أطعم السم، وسحر، فلم يقتل من سمه، ولا من سحره، إذ لم ير عليهما قتلاً، ولو وجب ذلك عليها لما تركهما. قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة. وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب، ونشأ في بلاد الجهل والصحارى، في بلد فقر، وذي رعية غنم.
ورباه الله تعالى محفوفاً باللطف، يتيماً لا أب له، ولا أم، فعلمه الله جميع محاسن الأخلاق، والطرق الحميدة. وأوحى إليه جل وعلا أخبار الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا، ولزوم الواجب، وترك الفضول من كل شيء. وفقنا الله تعالى لطاعته عليه الصلاة والسلام في أمره، والتأسي به في فعله، إلا فيما يخص به، آمين، آمين.
من كتاب جوامع السيرة | |
|